البيان الإنتخابي للمرشح الشرعي عماد الدايمي
يا أبناء وبنات تونس الأحرار،
يا أبناء الوطن العزيز الذي ينبض في قلوبنا جميعًا. اليوم، نقف أمام منعطف تاريخي مهم لتونسنا الحبيبة، في مرحلة دقيقة من أصعب المراحل التي شهدتها خلال تاريخها الحديث، في ظل دكتاتورية شعبوية فاشلة فاقدة للرؤية والإرادة، دمرت مؤسسات البلاد، وأضعفت اقتصاده، وأرهقت معيشة التونسيّين، وقسّمت المجتمع، وهي مستعدّة لتقويض أركان الدولة في سبيل البقاء في الحكم، وتسعى لتأبيد الوضع الراهن من خلال التلاعب بالمسار الانتخابي وتزويره.
هذه الأوضاع الخطيرة تتطلب منا جميعا أن نتحمل مسؤولياتنا تجاه وطننا، وأن نتقدم بكل إرادة وثبات لإنقاذه من الانهيار، متسلّحين بالأمل والثقة لتجاوز العقبات وإعادة بناء مستقبلنا المشرق.
هذا الشعور بالمسؤولية قادني إلى الترشح في هذه الانتخابات، وتحدي كل العراقيل التي وضعت في طريقي، لخدمة تونس والتونسيين وتحقيق التغيير الهادئ المنشود، وكلي عزم على استعادة تونس كملك للشعب التونسي لا لشخص أو فئة أو جهة، ولتعزيز شرعية الدولة وكرامة المواطن، ونشر الأمل وترسيخ ثقافة الانجاز والفعالية، وتوفير كل الشروط حتى ينجح التونسي في بلاده كما ينجح في الخارج.
إعادة بناء الاقتصاد الوطني
إن مفتاح مستقبل تونس يكمن في إعادة بناء اقتصادها. سنركز جهودنا على دعم قطاع الفلاحة وتعصيره لتحقيق الأمن الغذائي وتعزيز السيادة الوطنية، مع تشجيع الصناعات المحلية لدفع عجلة التصدير. كما سنعمل على تطوير السياحة من خلال الاستثمار في التسويق الرقمي وتنويع الأنشطة السياحية. الابتكار وريادة الأعمال وتشجيع الاستثمار ستكون في صميم رؤيتنا، مع إيلاء اهتمام خاص للتكنولوجيا الحديثة والاقتصاد الرقمي والأخضر. بهذه الرؤية الشاملة، سنتمكن من بناء اقتصاد متقدم يواكب التطورات العالمية ويضمن الازدهار المستدام لتونس وللأجيال القادمة.
سنحول تونس إلى ورشة إصلاحات مفتوحة تتم فيها إصلاحات عاجلة لتحسين معيشة التونسيين وضمان تزودهم بالمواد الأساسية والتصدي للتضخم وتعزيز العدالة الاجتماعية والادماج التدريجي لقطاعات الاقتصاد الموازي في الاقتصاد الرسمي وتخفيف الاجراءات البيروقراطية. وبالتوازي مع ذلك، سنطلق إصلاحات هيكلية ومؤسساتية وتشريعية عميقة تهدف إلى تطوير بنية الاقتصاد الوطني، وتعزيز حوكمة وكفاءة المنشآت العمومية، وإصلاح منظومات التعليم والصحة والنقل والخدمات. كل ذلك سيتم في إطار رؤية استراتيجية واضحة ترتكز على مشاريع كبرى مهيكلة طويلة المدى، وأبرزها تحويل تونس إلى قطب عالمي في مجالات التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي والعملات الإلكترونية. كما سنعمل على تعزيز الاستثمار في الطاقات المتجددة وتطوير حلول مبتكرة لمعالجة النفايات، بهدف خلق بيئة نظيفة ومستدامة للأجيال القادمة.
هدفنا هو خلق فرص عمل للشباب التونسيين ومنحهم الفرصة لبناء مستقبلهم في وطنهم، مع فتح آفاق جديدة لشركاتنا ومواطنينا لتحقيق النجاح على المستوى الدولي. سنعتمد في ذلك على دبلوماسية اقتصادية نشطة ضمن سياسة خارجية جديدة لتونس، تقوم على احترام السيادة الوطنية وتنويع الشراكات، مع التركيز بشكل خاص على تعزيز اندماجنا مع جيراننا وتعميق روابطنا في القارة الإفريقية.
إعادة بناء الوحدة الوطنية
اليوم أكثر من أي وقت مضى، تونس بحاجة إلى وحدة وطنية حقيقية، وحدة تتجاوز الشعارات لتصبح قوة تدفعنا إلى الأمام لتجاوز كل التحديات. وهذا يتطلب جهدا جبارا لتحقيق المصالحة الوطنية وتخفيف الاحتقان، عبر تنقية المناخات ورفع المظالم واطلاق سراح المسجونين ظلما، وتعزيز مناخات الحرية المسؤولة، والتصدي الصارم لكل مظاهر العنف والفوضى وأي مساس بثوابت المجموعة الوطنية وانتهاك لحقوق الافراد والحق العام.
الوحدة الوطنية هي روح تونس التي تجمعنا جميعًا. بتكاتفنا معًا، نستطيع إعادة بناء الشعور بالانتماء لهذا الوطن وإعادة الاعتبار لثقافتنا وذاكرتنا الوطنية. لن ندع أحدًا على الهامش، فكل تونسي هو جزء لا يتجزأ من هذا الوطن، وسنعمل معًا على بناء مجتمع متضامن يعتز بجذوره، ويؤمن بإمكانياته ومستقبله. لن تكون هناك تونس مزدهرة ما لم نتمكن من خلق مجتمع يكون فيه الجميع شركاء في النجاح.
إعادة بناء دولة القانون والمؤسسات
تونس عانت كثيرا من مخلفات الشعبوية والاستبداد، وقبلها من مخلفات الفوضى وعدم الاستقرار. ولا يمكن أن ننجح في مسار التغيير وخلق شروط الازدهار إلا بارساء استقرار سياسي واجتماعي، وبناء ديمقراطية حقيقية وناجعة تكون ركيزة للاستقرار ومحفزا للانطلاق الاقتصادي.
وهذا يتطلب إلغاء كل التشريعات التي فيها مسّ من الحريات أو من ضمانات استقلالية السلطة القضائية، والعودة سريعا للإرادة الشعبية لاعتماد إصلاحات دستورية تكرّس الحقوق والحريات ودولة القانون والمؤسسات، وتمتّن شرعية وفعالية واستقرار النظام السياسي. كما يتطلب إرساء المحكمة الدستورية في أقرب أجل ممكن لتكون حكما في النزاعات وضمانة لتواصل الدولة. ويتطلب كذلك تعزيز تشريعات ومؤسسات وثقافة الحوكمة الرشيدة والشفافية والنزاهة ومحاربة الفساد، كسبيل لتطوير دور الدولة وتحسين الخدمات للمجتمع ولإعادة ثقة المواطن في مؤسساته، حتى نتمكن من بناء تونس جديدة، تكون فيها الدولة حقًا في خدمة الشعب.
جوهر برنامجنا يرتكز على تحديث المؤسسات وتطوير حوكمتها، وتجديد المنظومة التشريعية بما يعزز الشفافية والكفاءة. سنعمل على تطوير إدارة عصرية وفعالة، تتخلص من البيروقراطية والتعقيد والفساد، لتواكب متطلبات العصر. لذلك، ستكون إحدى أولوياتنا الرئيسية إنجاز تحول رقمي شامل للدولة التونسية، حيث تتحول معظم الخدمات الإدارية إلى خدمات إلكترونية عن بعد. سنستفيد في هذا من الكفاءات البشرية المتميزة التي تزخر بها بلادنا، ومن التجارب الناجحة لدول كنا حتى وقت قريب نتفوق عليها اقتصادياً وحضارياً.
إعادة بناء الثقة
الثقة هي الأساس الذي يقوم عليه كل شيء. نحن بحاجة إلى استعادة الثقة بين المجتمع والدولة، وبين المواطن والأمن الجمهوري، وبين التونسي وأخيه التونسي. من خلال الحوار المفتوح والمثمر، سنعمل على مد جسور التواصل بين جميع الأطراف لضمان مستقبل أفضل للجميع. هذا وعدنا لكم. معًا، سنبني تونس جديدة، تونس الحرية، تونس العدل، وتونس المستقبل. الثقة بيننا هي التي ستمكننا من تحقيق هذه الرؤية. هذا ليس مجرد حلم، بل هدف سنعمل على تحقيقه بكل ما أوتينا من قوة وعزيمة.
يا أبناء وبنات تونس الأحرار،
أتوجه إليكم اليوم، بهذا البرنامج المتكامل لإعادة بناء تونس وإصلاح الدولة وبناء الأمل، وكلي ثقة أن الشعب التونسي، صاحب القرار والسيادة، قادر على فرض إرادته، وفرض التداول السلمي على السلطة عبر صندوق الاقتراع، وإنهاء محاولة الانقلاب على الارادة الشعبية الحاصلة اليوم والتي تهدف إلى تأبيد الشعبوية والفشل، وقادر على اختيار من يرى فيه القدرة على تحقيق التغيير الهادئ المسؤول الذي يحافظ على الدولة ويعزز الديمقراطية ويبني المستقبل.
كونوا واثقين أن تونس قادرة على تجاوز الحاضر الصعب والعودة أقوى مما كانت عليه، وقادرة على التصدي للتحديات المستقبلية وتحقيق ازدهار سريع للدولة والمجتمع. بإرادة الشعب، ورؤية واضحة، وإخلاص في العمل، سنتمكن من بناء تونس المستقبل.
#اعادةـالبناء